قصص من الحياة /حبيب الله أحمد

خميس, 26/12/2024 - 17:37

قريبا من "مسجد المغرب" باتجاه "العيادة المجمعة" تتناثر عربات عرض الملابس المستعملة " فوكودجاي"

يستغنى الباعة عادة عن الكثير من قطع تلك الملابس أو تسقط بفعل الريح فتتكون أمامهم على طول الشارع قمامة بها اقمصة وفساتين واحذية وقطع قماش مختلفة كانت ذات مرة ثيابا فاخرة وراء البحر

قبل يومين تقريبا كانت سيدة ملثمة يتبعها طفلان طفل وطفلة لعلهما فى عمر الخامسة والسابعة تخوض تلك القمامات مقتنية من حين لآخر ما ترى أنه يصلح لها وللطفلين

إتاحت لى زحمة خانقة مراقبة السيدة بعد ملاحظتى أنها تنتقى من القمامة قطعا خاصة أساسا بالأطفال

ليس بمقدورى وصف ملامح الفرح على وجه الطفلة والسيدة  تلنقط فستانا على مقاساتها تقريبا أمرتها بهدوء ان تلبسه بسرعة

كأنها ايضا اوصتها بالحذر من أعين المارة

كان وجه الصغيرة يطفح بالبشر

فالفستان على" قماميته" به أشرطة بألوان زاهية وأزار بديعة

لربما لم تلبسه" المرحومة" التى تركته لفترة طويلة فبدا معقولا ومقبولا

أنهت الطفلة قياس الفستان على جسمها فدسته السيدة فى حقيبة بلاستيكية تحملها

لم يكن الطفل الذى مع السيدة والطفلة سيئ الحظ هو ايضا التقط اقمصة وسراويل وقطعا" ثمينة" ولكنه فشل فى الحصول على فردة حذاء وجد اختها فكانت كأنها صنعت لرجله بالتمام والكمال ولكن اين فردة الحذاء الأخرى

بدا الطفل حزينا مهموما يفحص ناصية الشارع بعينيه فلن تكتمل فرحته مالم يحصل على الفردة الضائعة

كان يحتضن الفردة التى وجدها بشغف يغريه لمعانها فلم تكن قديمة وكان منظرها مناسبا

كان الطفل يدور يعود ادراجه ثم يتقدم فاحصا أكوام القمامة وحواف عربات العرض وحتى " معلقات" الباعة لعل وعسى

لا أعرف هل وجد فردة الحذاء

ولا اعرف هل السيدة والدته والطفلة شقيقته

غاب الثلاثة فى الزحام بعد أن تحركت فى طابور طويل من السيارات فلم أستطيع مراقبتهم ولم اجد فرصة للتوقف لمساعدتهم

خمنت بأنه يتيم مثل الطفلة

وجوه الطفلين تنطق فقرا وفاقة

أما السيدة الملثمة التى معهما فواضح من طريقة اللبس والمشي وفحص أكوام القمامة بتركيز شديد أنها أرملة أو عابرة سبيل أخرجها الفقر مع الطفلين إلى قارعة طريق كان يقال لنا لن يبقى عليها احد فاكتشفنا أنها مع قوارع هذا الدهر لا تبقى على أحد