موريتانيا: تشابه الأسماء يُخفي الجريمة: من قرصنة الاسم إلى فقدان البصر..

ثلاثاء, 09/12/2025 - 19:32

 صحفي يدفع ثمن الحقيقة لقد غبت عن الساحة الإعلامية لفترة ليست بالقصيره بسبب الإعاقة، ولكني عدت واقفًا والحمد لله، رغم أنني فقدت بصري، و امتلكت عصا موسى التي قد تكون جيدة لتقويم المائل ولضرب المفسدين، وتعمل الآن بالاشتراك مع قلمي الصحفي. اليوم، أستأنف هذه الرحلة معكم بعد هذه النهضة، وأؤكد لكم على أنها ستكون قيامة للحق على الباطل، وسأقوم بتقويض أركان الفساد كما كنت دائمًا، ومصداقاً لقوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ. ولتكون هذه شهادتي على استهداف الصحافة في موريتانيا. ولست فريداً فيما قد وقع لي، فهناك تطابق كثير بأمثاله في الصحافة في موريتانيا... نكشف تفاصيله لاحقاً.

أزمة تطابق الأسماء وحماية الملكية الفكرية

مسألة تطابق أو تشابه الأسماء في المشهد الإعلامي الموريتاني تحديًا متزايدًا، خاصة مع التوسع الرقمي. ففي ظل غياب آليات واضحة لحماية الملكية الفكرية للأسماء المميزة للمؤسسات الصحفية، سواء كانت رقمية أو ورقية، يصبح خطر التباس الهوية وتقويض الحقوق أمرًا واردًا. وتزداد هذه المخاطر بالنسبة للصحف الورقية العريقة التي لم تنطلق بعد في الفضاء الإلكتروني، حيث تصبح أسماؤها هدفًا سهلًا للقرصنة والاستغلال من قبل أطراف أخرى تنشئ مواقع وهمية أو حسابات تحمل نفس الاسم أو اسمًا مشابهًا. لقد تسببت هذه الأزمة في إفساد حال الصحف الورقية التي لم تعد تصدر، وهي محاولات تتكرر الآن على مستوى المواقع الإلكترونية أيضاً، لمحاولة تحييدها. ولمواجهة هذه الثغرة، يصبح من الضروري أن تضطلع الجهات الرسمية المختصة، كهيئات تنظيم الإعلام أو حتى القضاء، بدور فاعل في جرد الأسماء الإعلامية القائمة، سواء كانت لوسائل رقمية أو مطبوعة. وأن تضع آليات لمنع الترخيص أو الإشعار بإنشاء مواقع تحمل أسماء متطابقة أو مشابهة بشكل مُضلل. إن تعزيز وحماية أسماء الجرائد الورقية في إطار الملكية الفكرية يمثل خطوة حاسمة لحمايتها قانونيًا ونفسيًا من براثن القرصنة الرقمية.

قصتي مع "صوت الحق": الاستهداف يبدأ بالقرصنة

إن المخاطر التي أشرنا إليها آنفًا لم تكن مجرد تنظيرات، بل تمثلت واقعًا مؤلمًا فيما تعرضت له أنا شخصيًا وصحيفَتي، "صوت الحق". فقد بدأت سلسلة الاستهدافات بمحاولة لقرصنة ملكيتي الفكرية لاسم الصحيفة، تَمَثَّلَ ذالك في قرار صادر عن السلطة بمنح شخص آخر الحق في إنشاء منصة إلكترونية تحمل نفس اسم صحيفتي، "صوت الحق". مما أدى إلى تشابه مقصود وخطير بين الكيانين. ورغم هذه المحاولات للتضييق على صوتي ومنع وصوله إلى الجمهور عبر منصة إلكترونية رسمية، لم أستسلم رغم صعوبة مواد وسائل الإدراج، بل لجأت إلى بديل متاح على الإنترنت وهو إنشاء مدونة إلكترونية لـ "صوت الحق" على إحدى منصات التدوين المعروفة. واليوم، أستطيع أن أؤكد أن "صوت الحق" موجود بالفعل كمدونة إلكترونية فاعلة ومستمرة في أداء رسالتها الإعلامية في موريتانيا، علماً بأنها كانت موجودة على الإنترنت قبل الكثير من المواقع الموريتانية الحالية.

ثمن الحقيقة: الاعتداء والإعاقة البصرية

لكن محاولات إسكات صوت الحق لم تتوقف عند هذا الحد. ففي سياق عملي الصحفي السابق في وكالة أنباء "الإعلامي" الإخبارية، قمت بمهمة إعلامية لتقييم أداء أحد المستوصفات المختصة بالعيون في الحي الساكن. وخلال هذا التقييم، توصلت إلى نتائج خطيرة تشير إلى وجود تزوير في الأدوية المستخدمة داخل المستوصف، وهو ما تم توثيقه في تقرير مفصل. وفي وقت لاحق، وعندما زرت نفس المستوصف لأداء فحوص لتقييم الرؤية في عيني، تفاجأت بفعل إجرامي مروع. فبعد أن تعرفوا عليّ بصفتي الصحفي والمدون الذي قام سابقًا بكشف تزوير الأدوية في تقريري، قاموا بوضع مادة ضارة في عيني بشكل متعمد. ونتيجة لهذا الاعتداء الشنيع، تعرضت لإعاقة بصرية مستدامة، أدَّت إلى إخفائي القسري وانزوائي في المنزل بهذه الصفة المستدامة، وكفي عن العمل الصحفي التفصيلي حتى هذه اللحظة. ولكن، ورغم كل ذلك، أؤكد أنني لن أسكت، وسأواصل الكتابة التي كنت أزاولها، حتى وأنا في هذا الوضع. إن هذا الاعتداء الشنيع الذي أدى إلى إعاقتي البصرية وكفي عن العمل لا يمكن النظر إليه بمعزل عن سلسلة الاستهدافات التي سبقته. ففي سياق سعينا لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة النكراء عبر المسارات القانونية المتاحة، من الضروري أن نؤكد على أن هذه الجريمة هي حلقة أخيرة في مسلسل بدأ بمحاولات قرصنة اسم صحيفة "صوت الحق". وهي الصحيفة المحفوظة بتلك الصفة تحت اسم مديرها الناشر يحياوي محمد الأمين ولد يحيى، والمسجلة رسميًا في سجلات وزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، والمحكمة العليا (محكمة العدل)، وقسم الشؤون الحريات العامة في وزارة الداخلية، وكافة الجهات المعنية بحفظ الملكية الفكرية للأسماء والعلامات التجارية الإعلامية في موريتانيا...

 

حرية الصحافة في ميزان التحديات

يجب التأكيد على أن حرية الصحافة في موريتانيا لا تزال تواجه مسائل معقدة تَمَثَّلَ في نفوذ شخصيات نافذة لها ارتباطات قوية بجهات عليا في السلطة تحاول إسكات الأصوات المزعجة التي لا تروق لهم من صحافة الرأي والاتجاه المعاكس. الخارجين عن السرب لطمس هوياتهم وإلغاء رأيهم لجعل الصحافة تقتصر فقط على الإعلان والتشهير كوسيلة للذم والمدح سعيًا لتلميع وجوههم وبقائهم أكثر في السلطة بعيدًا عن الأضواء لخلق فرضية الرجل المناسب في المكان المناسب. وما تعرضت له أنا شخصيًا من استهداف ممنهج، بدءًا من قرصنة اسم صحيفتي "صوت الحق" وصولًا إلى الاعتداء الجسدي الذي أدى إلى إعاقتي، ليس إلا مثالًا صارخًا على هذه التحديات. وفي هذا السياق المؤلم، لا يمكن إغفال الإشارة إلى أنني أدين بشدة، ومن موقعي هذا، كافة أشكال التضييق والعنف التي تطال الصحفيين في موريتانيا بسبب قيامهم بواجبهم المهني. وما تعرض له كذلك الزميل حنفي ولد دهاه مؤخراً وصل إلى حد الاعتداء بالضرب داخل مقر إذاعته من قبل شخص نافذ، والاعتداء الجسدي الذي طال الزميل عبد القادر ولد أحمدناه مراسل وكالة نواكشوط وجريدة تواصل من قبل الشرطة أثناء تغطيته لمظاهرات العمال في أكجوجت، هما مثالان يضافان إلى سلسلة الانتهاكات التي تهدد حرية الصحافة وتقوض جهود الصحفيين الشرفاء في كشف الحقائق وخدمة الرأي العام. إن حماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحفيين هي مسؤولية وطنية لا يمكن التهاون بها. وفي هذا الختام دائمًا لا ننسى أن ننوه بالدور الفعال الذي يوليه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ محمد احمد ولد الغزواني في أهمية حرية الصحافة المرتبطة بـ تأسيس قواعد الديمقراطية وتعزيز الحماية الفكرية وصون حق الشخص الاعتباري من بين تلك السلط للمحافظة دائمًا على أن تحتل الصحافة الموريتانية التصنيف الأول عربيًا وأفريقيا وفق مراسلون بلا حدود كما جاء في سنة ٢٠٢٤.

 

---

 

تنويه ومصادر

المراجع والتوثيق:

* توثيق القرصنة الفكرية: القرصنة الفكرية ومفهوم القمع وحجب الأفكار/ محمد الأمين يحيى - | الإعلامي ([تم إزالة الرابط المشبوه])

* توثيق اعتداء الزميل حنفي ولد دهاه: الصحفي حنفي ولد دهاه يتعرض للاعتداء الجسدي - صــحــراء مــيــديــا (https://saharamedias.net/238567/)

* توثيق اعتداء الزميل عبد القادر ولد أحمدناه: موثق ببيان إدانة صادر عن نقابة الصحفيين الموريتانيين بخصوص اعتداء الشرطة عليه في أكجوجت أثناء تغطيته لمظاهرات العمال.

* مركز استطباب العيون بالحي الساكن.. معانات المكفوفين.. اطباء وسماسرة يعيشون بمقل المعوزين (صور) | الإعلامي، سنة ٢٠١٩ (نشير إلى أن نص هذا التقرير المنشور تحت هذا العنوان يحتوي على أخطاء كتابية ناتجة عن الضغط الشديد وتأثير المادة التي تم وضعها في العينين بعد الاعتداء، وقد تُرِكَت تلك الأحرف دون تعديل أو ضبط لتكون شاهد عيان على تلك المأساة، وأن هذا التقرير هو آخر ما قام الصحفي بتحريره.)

بقلم: يحياوي محمد الأمين ولد يحيى

* هاتف (واتساب): 36781212

* البريد الإلكتروني: [email protected]

المصدرالمستقبل