لا تخفي أحزاب المعارضة الموريتانية تخوفها من "تزوير الانتخابات النيابية والمحلية المقبلة"، والتي من المرتقب إجراؤها بداية سبتمبر المقبل.
والأسبوع الماضي، بدأت رسميا الحملة الدعائية للانتخابات، في سياق علاقة متوترة بين السلطة بأحزاب المعارضة، بعد اعتقال المعارض بيرام ولد الداه، وقبل ذلك، اعتقال رئيس حركة "نستطيع" محمد ولد الشيخ، ما جعل المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض يصدر بيانا شديد اللهجة يتهم السلطات الموريتانية بـ"استهداف مرشحين للانتخابات المقبلة".
وقررت جميع أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات المقبلة، بعد أن قاطع عدد منها الاستحقاقات الانتخابية السابقة، إذ تسعى هذه الأحزاب للتمهيد من خلال الانتخابات النيابية المقبلة، إلى دخول غمار الانتخابات الرئاسية العام المقبل بجبهة موحدة لمواجهة حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم.
تخوف المعارضة من مدى نزاهة الانتخابات المقبلة، جاء على لسان عدد من قادة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) المعارض، والذي حذر من "تزوير الانتخابات".
ويقول المحلل السياسي الموريتاني، محمد حدي، إن "الحديث عن تزوير الانتخابات أصبح من الأمور المألوفة في كل استحقاقات انتخابية تحدث في موريتانيا، ومرة يكون هذا الحديث مبررا ومرة يكون مبالغا فيه".
ويصنف حدي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، التزوير في الانتخابات إلى نوعين، الأول يصفه بـ"تزوير فني، يستهدف بطاقات التصويت وترجيحها لصالح طرف معين"، مستدركا أن "هذا النوع من التزوير، وحتى نكون منصفين، لم يعد ممكنا وإن وجد فتأثيره محدود ولا يغير مجرى العملية الانتخابية".
أما الصنف الثاني، بحسب حدي، فهو "التزوير التقليدي المتمثل في شراء الذمم وأساليب التهديد والترغيب، وهو موجود وموجود بقوة، كما أنه يقلق المعارضة".
ويتابع المتحدث ذاته "أزمة المعارضة مع هذا النظام هي أزمة ثقة بالأساس"، مشيرا إلى أن "مخاوف المعارضة من تزوير الانتخابات دائما ما تسبقها بعض التصرفات غير المسؤولة من طرف النظام، مثل تسخير موارد الدولة لصالح الحزب الحاكم، واحتكار وسائل الإعلام الرسمي لصالحه، وإدارة حملة الحزب من طرف أعضاء الحكومة بل إن الرئيس نفسه هو الذي افتتح حملة الحزب".
تواصل: انحياز المؤسسات
ويؤكد القيادي في حزب "تواصل" المعارض، محمد ولد محمد امبارك، مخاوف المعارضة من مسألة تزوير الانتخابات بالقول "لدينا مخاوف من بعض التصرفات، وعلى رأسها كون الحكومة التي تشرف على الانتخابات أصبحت طرفا، وهي التي تدير حملة الحزب الحاكم، ووزراء كانوا يؤدون خدمة عمومية، أصبحوا يقدمونها لحزب سياسي".
ويعتبر امبارك، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أن ذلك "يعد أكبر خرق يتم تسجيله، بالإضافة إلى انحياز رئيس الجمهورية، الذي كان من المفترض أن يكون رئيسا للشعب الموريتاني كاملا وأن يكون محايدا، لكنه صار رئيسا لحزب سياسي معين".
ويشير القيادي في الحزب المعارض إلى "كون اللجنة المشرفة على الانتخابات ليست محل إجماع، وكانت مخرجا لحوار قامت به السلطة، ولم نكن حاضرين فيه".
لكن ما الذي يجعل أحزاب المعارضة تشارك في انتخابات تشكك في نزاهتها؟ يجيب محمد ولد محمد أمبارك عن هذا السؤال بالقول "دخلنا للانتخابات بروح نضالية من أجل تحقيق بعض المكاسب رغم كل الخروقات، ومن أجل تمثيل الشعب الموريتاني أحسن تمثيل".
سك: تخوف غير مبرر
في المقابل، فإن حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، يؤكد على نزاهة الانتخابات، ويشدد على أن مواقف المعارضة لا يوجد لها ما يبررها.
وفي هذا السياق، يقول عضو المجلس الوطني لحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية"، جاكيتى الشيخ سك، إنه "بالنظر إلى تشكيلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات فهذا التخوف ليس مبررا".
ويورد سك، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "رئيس هذه اللجنة الحالي هو عضو مؤسس لمنتدى المعارضة ورئيس دوري سابق لهذا المنتدى أيضا".
وتبعا لذلك، يضيف عضو الحزب الحاكم، فإن "كل ما تثيره هذه المعارضة من مخاوف من التزوير هو نوع من استباق أحداث هزيمتها المتوقعة من حزب استطاع أن يترشح في كل الدوائر الانتخابية، في الوقت الذي لم يترشح أكثر أحزاب المعارضة انتشارا في أكثر من ثلثي الدوائر".
ويشدد المتحدث على أن "جل المواطنين متعلقون بهذا النظام الجريء الذي استطاع في 10 سنوات إنجاز ما لم يُتمكن من إنجازه خلال 50 سنة".
المصدر: أصوات مغاربية