قدم الوزير الأول الموريتاني أحمد سالم ولد البشير تقريرا عاما حول عمل الحكومة خلال السنوات السابقة، وكذا خطط الحكومة الحالية في النهوض بعدد من القطاعات في البلاد أمام البرلمان الخميس الماضي.
تقديم الوزير الأول الموريتاني تضمن في شق منه قطاع الصحافة والإعلام الذي عرف، خلال الآونة الأخيرة، إغلاق إذاعات خاصة وصحف بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تواجهها المؤسسات الصحافية في موريتانيا.
وقال أحمد سالم ولد البشير في تقديمه إن "جهود السلطات العمومية خلال السنوات الماضية تجسدت في تحرير الفضاء السمعي البصري، وإلغاء عقوبة حبس الصحافيين، وإعداد استراتيجية وطنية للاتصال من أجل التنمية، والمصادقة على مدونة للإشهار، إضافة إلى تزويد وسائل الإعلام العمومية بالتجهيزات الحديثة وإنشاء صندوق لدعم الصحافة الحرة".
وبالعودة إلى آخر تقاريرمنظمة "مراسلون بلا حدود"، فإن موريتانيا تحتل المركز 72 عالميا والثاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بعد جزر القمر التي حلت في المركز 45 عالميا.
ويتحدث عدد من الفاعلين في قطاع الصحافة والإعلام في موريتانيا عن الإكراهات التي تواجه هذا القطاع، خصوصا خلال السنوات الأخيرة.
حالة تراجع
يقول نقيب الصحافيين الموريتانيين، محمد سالم الداه، إن "الصحافة في موريتانيا تعيش حالة من التراجع لأسباب مادية ولوجستية"، مضيفا "نتمتع بفضاء هام في مجال حرية التعبير وحرية الصحافة، ولكن هذه الحرية مهددة بوجود بعض العوائق".
ويرجع الداه، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أسباب هذا التراجع إلى وجود عدد من "العراقيل"، مضيفا "منذ ثلاث سنوات توقف الدعم الذي كان يقدم للصحافة، وظلت المؤسسات تطالب بالدعم، وتواصلت مع الحكومة بهذا الشأن وكان القرار بتأسيس شركة للإشهار لعلها تساهم في وضع حد للمعاناة التي تعيشها المؤسسات الصحافية، ولكن هذه الشركة لم تر النور لحد الساعة".
ويتابع المتحدث "تم إغلاق عدد من المؤسسات الصحافية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، سواء تعلق الأمر بإذاعات محلية أو صحف ورقية. نحن لا نعيش إشكالات في مجال حرية التعبير، ولكن في البنية الاقتصادية".
مشكل اقتصادي
أما نائب رئيس تجمع الناشرين الموريتانيين، الهيبة الشيخ سيداتي، فيتعقد هو الآخر أن "أبرز المشاكل التي تواجه الصحافة الموريتانية ترتبط بما هو اقتصادي".
ويورد سيداتي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "عددا من المؤسسات السمعية البصرية تعاني تضييقا ماليا أدى لغلق إذاعات وقنوات تلفزية بسبب غلاء تكاليف البث التي تفرضه الشركة الخاصة بالبث، وكذا احتكار التلفزيون والإذاعة الرسميين للإعلانات".
ويضيف نائب رئيس تجمع الناشرين الموريتانيين، في السياق ذاته، أن "الإذاعات الخاصة مهددة بسبب المخاطر المادية ولا يمكن لها أن تستمر لمدة طويلة بسبب الحصار والتكاليف والاحتكار، فيما تعاني الصحافة المكتوبة منذ فترة من مشاكل عدة مع المطبعة العمومية".
وفي ديسمبر من العام الماضي، توقفت آخر الصحف الورقية عن الصدور بسبب مشاكل عرفتها المطبعة الوطنية.
وواجهت المطبعة الوطنية الموريتانية، أزمة في ورق الطبع، تسببت في توقف جميع الصحف المستقلة عن الصدور، قبل أن تتوقف الصحف الحكومية أيضا.
وبدأت أزمة الصحف الموريتانية، حينما اعتذرت المطبعة للقائمين على الصحف الورقية عن طبع صحفهم، بسبب عجزها عن توفير ورق الطبع جراء "ضائقة مالية" تعيشها، والتي أدت أيضا إلى التأخر عن دفع رواتب عمالها طيلة الأشهر الماضية.
مشاكل مركبة
في المقابل، يعتقد الصحافي الموريتاني، المحفوظ ولد السالك، أن "موريتانيا توجد بها حرية للصحافة تسمح بنشر وتناول كل ما تريد، وقد صنفت لسنوات الأولى عربيا في هذا المجال"، مضيفا "لم يعد هناك اعتقال للصحافيين، ولا متابعة لهم، على خلفية ملفات صحافية بحتة".
وبخلاف ذلك، يشير ولد السالك إلى أن "إشكال الصحافة اليوم متعلق بتحديات وإكراهات كثيرة تواجه هذا الحقل والعاملين فيه، فمثلا على مستوى الصحافة الورقية يبرز إشكال الطباعة والنشر، إذ توجد مطبعة واحدة، وكثيرا ما تعاني مشاكل داخلية، تعرقل النشر في بعض الأحيان، ويشمل ذلك حتى الصحف الرسمية الناطقة باسم الدولة"، في حين "لا تكاد توجد أي مكاتب ولا مراسلين لهذه الصحافة في باقي المدن خارج العاصمة، كما أنها تعاني من منافسة المواقع الإلكترونية".
أما على مستوى الإعلام السمعي البصري، يضيف ولد السالك أن "محدودية سوق الإشهار تشكل أبرز عائق، فهذه المؤسسات عاجزة عن توفير التزاماتها المالية سواء تجاه الشركة المعنية بالبث، أو تجاه سلطة الإعلام السمعي البصري، فيما يتعلق بتجديد الرخص، ينضاف إلى ذلك غياب معاهد للتكوين في مجال الصحافة".
المصدر: أصوات مغاربية