الدول العربية الفاشلة ومعاييرالفشل فيها ومن ضمنها موريتانيا

ثلاثاء, 25/12/2018 - 16:48

هناك عدة معايير تساعد على معرفة الدولة الفاشلة، تم التوصل إليها نتيجة دراسات عديدة تولتها مكاتب الدراسات في العالم وحلقات البحث، إضافة إلى الصحافة ووسائل الإعلام والمؤسسات السياسية الدولية والإقليمية..

وقد خلصت هذه الجهات إلى أن الدولة الفاشلة هي التي لا تستطيع أن تسيطر على كل أراضيها، وتضطر لطلب العون الخارجي للتدخل في شؤونها الداخلية، لحل أو للمساعدة في حل هذه الشؤون.

ومن معايير الدولة الفاشلة أيضاً عجز الدولة  عن توفير ابسط الحقوق لمواطنيها أوانقاذ مواطنيها من ابسط الحوادث الدولة الفاشلة هي التي تعجز عن السيطرة علي مسؤوليها أو محاسبتهم والدولة الفاشلة هي التي تري الفساد وتعجز عن مواجهته وبتره والدولة الفاشلة هي التي تعجز عن توفير الحد الأدني من العدالة الاجتماعية بين مواطنيها إلي درجة أن يصبح هناك مواطنون من الدرجة الأولى وآخرون من الدرجة الثالثة.. فمنذ تولي جنرالات زمام القيادة والبلد تقبع تحت الوحل والامراض والجهل والتخلف والفقر.

 عدم احترام حقوق الإنسان وحقوق المواطن والقانون والنظام، والاستهانة بهما من قبل الحكومة أو كبار موظفيها أو رؤساء أجهزتها الأمنية، وعندها يستطيع كل متنفذ ممارسة ما يريد من الصلاحيات أو الاستيلاء عليها، سواء كانت متوافقة مع القانون أم لا.

ويزداد الفساد والمحاباة، ويتراجع تكافؤ الفرص والعدالة بين المواطنين، وتنفجر داخل هذه الدولة تناقضات عديدة، تصل أحياناً إلى درجة الصراع المسلح كالقبلية , (وكالطائفية والإقليمية وغيرها)، على حساب المواطنة التي يفترض أن تكون المرجع الرئيس.

وتتولد تلقائياً في هذه الدولة، الفوضى والتناقضات وأحياناً التمردات، وتضطر السلطة للاحتماء بأجهزة الأمن التي تعطي لنفسها، باسم حماية الدولة وأمن المواطن، حق التدخل في شؤون هذه الدولة وشعبها، وصياغة سياساتها وخططها وعلاقاتها الخارجية، فضلاً عن توافقاتها الداخلية.

وتختار الدولة بالتالي القمع والحلول الأمنية، بدلاً عن القانون والحلول السياسية، ثم مع الزمن وتراكم الصعوبات والأزمات، تسيطر الحكومة على الدولة، وتسيطر الأجهزة على الحكومة.

وهكذا تُلغى الدولة لصالح السلطة، وتُلغى السلطة لصالح أجهزة الأمن، ولا تعود الدولة دولة، ولا الحكومة حكومة بالمعنى المتعارف عليه، وأخيراً تغيب سياسياً وبنيوياً معايير الدولة الحديثة؛ كالحرية والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص والديمقراطية وفصل السلطات، واقتصادياً يتضاءل الإنتاج وتزداد البطالة، ويصاب الميزان التجاري بالخلل ثم يصبح خاسراً، وتتضخم العملة المحلية، وتنخفض معدلات الاستثمار، وتتراجع الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، وترتفع الأسعار، وتنخفض الأجور، وعندها تصبح الدولة دولة فاشلة فشلاً نموذجياً.

من البديهي أن هذا الفشل ليس متشابهاً أو متساوياً بين جميع الدول، فهو أمر نسبي ويخضع لظروف تقرب الدولة المعنية من معاييره أو تبعدها عن هذه المعايير.

فهناك دولة فاشلة جزئياً أو متوسطة الفشل أو فاشلة كلياً، وذلك حسب استيفائها لمعايير الدولة الحديثة وتقاليدها وممارساتها. ويكون الفشل كاملاً وتاماً عندما تنفجر الصراعات الداخلية بين فئات المجتمع، فتصل إلى مرحلة الصراعات المسلحة التي لا تستطيع الدولة السيطرة عليها، حتى لو استخدمت جيشها وقواتها المسلحة، مما يقتضي استدعاء التدخل الخارجي لدعم السلطة وتثبيت أقدامها، كقوات حفظ السلام أو ما يشبهها لحل هذا الصراع.

 عجز الدولة عن تحسين معدلات التنمية أو الحفاظ عليها، وعندما لا تفرض الدولة وجوداً معنوياً لها ولا احتراماً، وتتلاشى هيبتها أو تتراجع.

رأت هيئات عديدة متخصصة في العالم، وجود ثلاث دول عربية من بين الدول العشر الأولى الفاشلة في العالم، هي الصومال بسبب عدم استطاعة حكومتها طوال أكثر من عشرين عاماً السيطرة على الصراعات الداخلية المسلحة أو تقديم خدمات كافية لشعبها، أو حتى المحافظة على هيكلية الدولة، تليها السودان بسبب عدم استطاعتها السيطرة على الصراعات المسلحة الداخلية أيضاً، وعجزها عن استدراج الاستثمارات، وتضخم عملتها المحلية، وانتشار المجاعة بين أبناء شعبها، وأخيراً دولة العراق التي اعتبرت دولة شبه فاشلة وربما أكثر من ذلك، بسبب عدم استطاعة سلطاتها السيطرة على المجتمع، ومنع الحروب الداخلية، ومكافحة الفساد، وعدم احترام مرجعية المواطنة، وترك العنان للمرجعيات الثانوية المتخلفة لتسيطر وتتحاصص، إضافة للتقصير في تقديم الخدمات للناس، وقبل ذلك لاستدعائها قوات عسكرية أجنبية خولتها بالتشريع للعراق وحكمه بديلاً عن شعبه.

تطاول معايير فشل الدولة عديداَ من الدول العربية الأخرى، جزئياً أو أكثر من ذلك، ولعل دولة ليبيا ودولة سوريا وضعتا أقدامهما على هذا الطريق الذي سوف يوصلهما إلى الفشل، ويبدو أنهما تسيران سيراً حثيثاً ومتسارعاً نحو النهاية الحتمية، إن لم تتداركا الكارثة قبل وقوعها وتلي ذالك موريتانيا التي تعصف بها الصراعات علي السلطة وعدم احترام نظامها الدستوروالقوانين المعمول بها داخل البلد. وان غدا لناظره قريب

الياس محمد