الماسونية.. ذلك العالم الغامض الرهيب؛ رغم كل الكتابات التي تحدثت عن الماسونية فإن ما يبدو أنها لا زالت تسيطر على كثير من الأمور في العالم، وتغلغلت في عالمنا الإسلامي بصورة أو بأخرى، والسودان ليس بدعاً من العالم الإسلامي، ولا بد أن الماسونية كانت له بالمرصاد منذ زمن بعيد، ويرى البعض أن الماسونية تغلغلت في السودان وتحكمت أيام الاحتلال الإنجليزي للسودان، لكن البعض يرجع تاريخ دخولها للسودان منذ أيام الحكم التركي للسودان عقب انهيار سلطنة سنار، خاصة غردون باشا الذي يعده البعض المؤسس الحقيقي للماسونية في السودان، ورغم الكتب التي كُتبت عن الماسونية في العالم وبتفاصيل كثيرة وأسماء ومقرات؛ إلا أن الملاحظ ندرة الكتب التي كتبت عن الماسونية في السودان، وقد تصدى لهذه المسألة بعض الكتاب مثل خضر حمد الوزير المشهور وأحد مؤسسي الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي ألف كتابا سماه (هذه هي الماسونية)، كما كتب عن الماسونية في السودان الشيخ محمد الفاضل التقلاوي وهو من الرعيل الأول من قيادات جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان وألف كتاب (الماسونية أخطر جمعية سرية في العالم)، وأخيراً تصدى لموضوع الماسونية في السودان الأستاذ سيد خيري السيد في كتابه الموسوم بـ(الماسونية في السودان احكموا عليهم بأعمالهم)، وهو الذي اعتمدنا أساساً عليه في كتابة معظم هذه المادة.
* ما هي الماسونية؟
هذه القوة الخفية التي سميت فيما بعد بـ(الماسون) هي كلمة فرنسية مكونة من (فران) ومعناها (الصادق) و(ماسون) ومعناها (الباني)، ومن دلالة علاقة الماسونية باليهود المحفل الماسوني يعني (خيمة موسى في البرية)، وأن النور عندهم يعني (النور الذي تجلى لموسى فوق الجبل) وأن الهيكل يعني (هيكل سليمان)، وأن العشيرة التي تستخدم بمعنى الجمعية تشير إلى (عشائر بني إسرائيل) وأنهم يستخدمون أسماء أنبياء بني إسرائيل مثلا (بوعز) بمعنى (الأخ) و(جاكي) بمعنى (الأستاذ) و(يهوذا أوجهانا) بمعنى (الأستاذ الأعظم)، ومن دلالات علاقات الماسونية باليهودية العالمية أن طالبي الترقية إلى الدرجات العليا يتقدمون إلى (غرفة العقد الملوكي) التي ترمز لهيكل سليمان وهم (خالعي الأحذية) تشبها بموسى عليه السلام الذي أمره الله تعالى بأن يخلع نعليه لأنه بالوادي المقدس. ومن دلائل علاقتهم باليهودية يستخدم الماسون النجمة السداسية اليهودية رمزا لهم، وهذا المثلث المتساوي الأضلع موجود في كل محفل ماسوني. والنجمة السداسية تراها على علم (إسرائيل) وعلى كل الطائرات والدبابات والسيارات الحربية والغواصات والمدافع وجميع الأسلحة وعلى كل ما يرمز لـ(إسرائيل) واليهود في التراث العبري عامة،والماسون يسمون هذه النجمة (درع داود) وهي عندهم تشير إلى عينين عند تداخل المثلثين.
وقد جاء في (دائرة المعارف اليهودية) طبعة عام 1903 صفحة (503): (إن تعاليم الماسونية محاطة بالسرية الدائمة وهي تنص في صلبها على تقديس (الجنس) والحرية التامة لنشر الإباحية، وآمال الماسونيين هو تنظيم جماعة من الناس يرونهم أحراراً لا يخجلون من كشف أعضائهم التناسلية ـ نساء ورجالاً ـ حين يجتمعون في المصايف الخاصة بهم ونوادي العراة التي يديرونها. وبهذه الوسائل ترى التنظيمات المديرة للنشاط الماسوني أنه طريق تصعيد حركة الانتساب لها عالمياً فإنه من المتيسر على المدى الطويل إجراء (غسيل دماغ) للعقل البشري لينسى كل القيم والمعتقدات ويتجرد من كل ولاء لغير الماسونية وتعاليمها إلى أن يكفر بكل شيء ويصبح أمام أعظم واجب مقدس وهو تمجيد اليهودي فقط.
الزعيم الأزهري والماسونية
وفي كتاب (الماسونية أخطر جمعية سرية في العالم) تأليف الشيخ محمد الفاضل التقلاوي يقول صفحة (18): (يتحدث عن الزعيم الأزهري عن المأسونية في السودان ويقول له (لقد سمعتك تحدث الأخ حسن عوض الله عن أشياء مهمة تعلق على رأيهم فيها النجاح الأكيد، فقال على الفور أيضاً إن الماسونية متغلغلة في شؤون بلادنا ومجاراتهم في بعض الأمور ضرورية ورضاؤهم عن بعض الأمور سبب قوي للنجاح ـ ثم أردف ضاحكاً إن للسياسة ملتويات كثيرة وخفايا مستترة تتطلب حنكة ودهاء). وتتميز هذه الرواية بأنها رويت من أحد الشهود عليها وكان حاضراً عندما قيل هذا الكلام، وقد لا يعلم الكثيرون أن الشيخ التقلاوي كان من المقربين للزعيم الأزهري، وكان يكتب بانتظام في صحيفة (العلم) لسان حال الحزب الاتحادي، وكان سكرتيراً للجنة الستين التي كانت تدير الحزب الوطني الاتحادي.
الماسونية والاغتيال
وفي صفحة (23 ـ 26) يتحدث الشيخ التقلاوي عن صديقه الذي التحق بالماسونية وقصته فيقول (إن صديقه (...) قد اختير مدرساً في أسمرا، وهناك اشترك في الماسونية، وتغيرت أحواله رأساً على عقب، وأصبح مدمناً للخمر، ولا يؤدي سوى صلاة الجمعة فقط، وعندما رجع إلى السودان رجع بتوصية من ماسون أرتريا إلى ماسون السودان، فالتحق فوراً بجريدة (...) وقد أُعطي عربةً ومرتباً كبيراً وحسنت حاله وكان يقول لصديقه (محمد الفاضل التقلاوي) لا يمكن أن تحل مشاكلك إلا إذا وافقتني واشتركت في الماسونية، ولقد اجتهد أن أوافق، ولكني كنت دائماً أرفض ذلك). ثم يواصل التقلاوي صفحة (26 ـ 27) فيحكي عن كيف اغتال الماسون صديقه الحميم فيقول (جاءني الأخ (...) مرة مهموماً متوتراً، وقال لي ربما لا تراني بعد اليوم فوداعاً يا صديقي العزيز، قلت له وإلى أين تذهب؟ قال ضاحكاً إلى الآخرة، فقلت له أتريد أن تنتحر؟، فقال جاداً أنت تعرف جيداً أنني لا أفكر في الموت، ولا أفكر في الانتحار، ولكن سأموت موتاً. وما اعتقدت أن هذا الكلام جد أبداً، وقد سافر في عصر ذلك اليوم إلى مدني ثم إلى بركات حيث جاء الخبر في ضحى ذلك اليوم أنه غرق في الترعة بعربته، وقد أحضر في مساء اليوم نفسه، وحملنا نعشه إلى المقابر حيث ووري التراب إلى الأبد.. وسمعت شقيقه السيد (...) وهو يقول في الصباح الباكر وصلنا الخبر وذهبنا بالسيارات إلى مكان الحادث، وانتشلت سيارته من الترعة وفتحت الأبواب، ولم تكن الجثة في موضع القيادة وإنما وجدناها في الخلف والرأس مهشم.. قلت له كيف صار إلى مؤخرة العربة؟ وقد عللوا ذلك بأنه عندما اصطدمت العربة قطع رأسه وتحول إلى المؤخرة.. إنني غير مقتنع بهذا التعليل المجافي للمنطق السليم، فقال لي لا فائدة إنها الماسونية يا أخي.. وقال أخوه (...) لقد حدثني المرحوم أنهم كلفوه بعمل فقام برفضه واعترض عليه وفي مذهبهم هذا كل من يعارض أو يرفض أمراً يكلف به فمصيره الموت، وقد قال لي أخي (...) إن لديه قتلة محترفون، وأن جرائمهم يسدل عليها الستار لأن لديهم رجال في كل مرافق الدولة.. ولقد سألته عن الأمر فرفض الإجابة وقد مات وهو يحمل سره في قلبه.. لقد جاء الأستاذ (...) إلى أخي (...) في اليوم نفسه الذي ذهب إليك فيه واختلى به وقتاً، وخرج ورأيت أخي (...) ثائراً يقطر وجهه بالغضب، وقال أخوه لقد ذهبت إلى الأستاذ (الذي زار أخي) وسألته مارأيك في موت أخي فقال بهدوئه المعتاد لقد كان حادثاً مؤسفاً، وفأجأته ولماذا قتلتموه؟ والتفت إليّ متعجباً، وقال هل أنت مجنون؟ فقلت له أنا في أحسن حالة العقلاء، ولكنكم قتلتموه. وضحك وقال لي لا تعني ما تقول. ورفضت أن أرد عليه).
علاقة محمد صالح الشنقيطي بالماسونية:
ويوم 26 فبراير 1968م ذكرت صحيفة (العلم) ما يلي: (نريد أن نسأل السيد محمد صالح الشنقيطي رئيس لجنة الوساطة بين الأحزاب، وهو أيضاً على ما نظن رئيس الجمعية الماسونية بالسودان. فإذا كان ما نظنه حقيقة فإننا نطلب من السيد الشنقيطي أن يترك هذه الوساطة ويذهب للتوسط بين العرب واليهود لأن الماسونية هي إحدى دعائم النظم الصهيونية، فإذا كنا مخطئين في ذلك فليصححنا سيادته). ورغم الاتهام الواضح لمحمد صالح الشنقيطي بأنه رئيس الجمعية الماسونية في السودان، ورغم طلب الصحيفة بأن يقوم الشنقيطي بتصحيح المعلومة؛ إلا أن الشنقيطي قد لزم الصمت ولم يرد على الصحيفة.
الماسونية ونكتة هرم مروي
يقول الأستاذ علي ياسين في صحيفة (الإنتباهة) 14 مارس 2012م (هناك في تقاطع شارع القصر مع محطة السكة الحديد القديمة بالخرطوم لوحة ضخمة عالية وبجانبها مرسوم الهرم ذو العين الواحدة كما يبدو في الدولار الأميركي، وبجانبها عبارة (هل كنت تعلم أن الهرم المرسوم على الدولار الأميركي هو هرم مروي؟).. لا أدري والله ما هو الأكثر إثارة للخوف أن تكون حكومتنا جاهلة بأن الهرم ذو العين الواحدة المرسوم على الدولار الأميركي ليس هرم مروي، بل هو شعار الصهيونية العالمية.. كل دابة على ظهر الأرض تعرف أن الهرم ذا العين الوحيدة هو أحد أعظم شعارات الماسونية العالمية.. لأن معرفتهم ـ الجهة التي نصبت هذه اللافتة ـ علاقة هذا الرمز بالماسونية سوف تؤكد فقط أن الماسونية العالمية بأضخم رموزها وشعاراتها قد احتلت قلب عاصمتنا عياناً بياناً). وهذا الرسم قد لوحظ قبل سنوات في أكثر من مكان بارز في ولاية الخرطوم، وغير المكان الذي ذكره المقال شوهد هذا الرسم أمام المسجد الكبير بالخرطوم بحري من الناحية الشمالية.
بعض أقوال أحبار الماسون:
ــ إن مالنا من ثروة ومال في أنحاء العالم سوف يطغى على القوانين العالمية كلها، كما أننا سوف نحكم الدول كما تحكم هذه الدول رعاياها.
ــ علينا أن نختار من بين أفراد الشعب رجالاً للإدارة من الأذلاء الذين لم يكتسبوا خبرة في شؤون الحكم، وسيكون من السهل علينا أن نجعلهم كقطع الشطرنج بين أيدينا.
ــ إن مصلحتنا تقضي بانحلال الشعوب غير اليهودية، وتهدف قوتنا إلى إبقاء (العامل) في حالة تافهة وعجز دائمين، كما أننا سنعمد إلى خلق أزمة اقتصادية بكافة الطرق الملتوية وبواسطة الذهب الذي بين أيدينا.
ــ يتحتم علينا أن نقوض أركان كل (إيمان) ونزعزع من عقول الناس الاعتقاد بالله ونستعيض عنه بالأرقام الحسابية.
ــ علينا أن نرد على أي دولة تجرؤ على اعتراض طريقنا بدفع الدولة المجاورة لها لإعلان الحرب عليها.
ــ إن مهمتنا تحطيم جميع السلطات الحاكمة ولكنها قائمة من الوجهة النظرية فقط، إننا نعتبر الناس من غير اليهود كقطيع الأغنام، أما نحن فإننا الذئاب.
ــ إن الصحافة والأدب أهم دعامتين من دعائم التربية ولهذا السبب سنشتري أكبر عدد ممكن من الصحف اليومية.
ــ عندما نصبح أسياد العالم لن نسمح بقيام دين غير ديننا اليهودي.
تأمل هذه المقولات، ثم ارجع البصر إلى واقعنا في العالم الإسلامي، وقم بمقارنة بسيطة بين أقوال أحبار الماسونية وبين الواقع، وستصاب بالذهول من انطباق هذه المقولات على كثير من واقعنا المعاصر في العالم الإسلامي