ووقعت عمليات القتل التي تحدث عنها التقرير بين 27 و31 مارس/آذار الماضي في مورا، وهي بلدة ريفية يبلغ عدد سكانها حوالي 10 آلاف نسمة وتقع بين دجيني وموبتي التي تعد إحدى النقاط الساخنة لنشاط جماعات العنف الذي زاد وامتد إلى بلدان مجاورة في منطقة الساحل الأفريقي.
وقالت هيومن رايتس ووتش “هذا الحادث هو أسوأ عمل وحشي منفرد يتم الإبلاغ عنه خلال النزاع المسلح القائم منذ عقد في مالي”.
تنديد غربي
وأثارت عمليات الإعدام المذكورة تنديدا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا التي طالبت جميعها حكومة مالي بالسماح بإجراء تحقيق مستقل.
ومن دون أن يشير على وجه التحديد إلى هيومن رايتس ووتش، جدّد بيان رئاسة الأركان التأكيد على أنّ احترام الحقوق هو “أولوية في تنفيذ العمليات” العسكرية.
وقالت كورين دوفكا مديرة منطقة الساحل في هيومن رايتس ووتش “يجب على الحكومة المالية فتح تحقيق عاجل ونزيه في جرائم القتل الجماعي هذه، بما في ذلك دور الجنود الأجانب”.
وأضافت أنّ في سبيل المصداقية يجب أن تشرك السلطات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في التحقيقات.
رواية الجيش المالي
وإزاء الإفادات المتزايدة التي أوردتها وسائل الإعلام بهذا الشأن، أصدرت رئاسة أركان الجيش المالي مساء أمس الثلاثاء بيانا ندّدت فيه بـ”مزاعم لا أساس لها” تهدف إلى “تشويه صورة” القوات المسلّحة، وفق قولها.
ومن دون أن يشير على وجه التحديد إلى هيومن رايتس ووتش، جدّد بيان رئاسة الأركان التأكيد على أنّ احترام الحقوق هو “أولوية في تنفيذ العمليات” العسكرية.
ودعت رئاسة الأركان في بيانها إلى “ضبط النفس في مواجهة التكهنات التشهيرية”.
وقدّمت السلطات التي يهيمن عليها الجيش واستولت على الحكم بالقوة عام 2020، رواية مختلفة تماما يوم الجمعة الماضي، متحدثة عن عملية احترافية سمحت بقتل 203 مقاتلين ينتمون إلى “جماعات إرهابية مسلحة” بعد ورود معلومات عن أنهم سيجتمعون في تلك البلدة، وتوقيف 51 آخرين.
وقال الجيش في بيان “السيطرة الكاملة على البلدة سمحت بالبحث والتعرف على الإرهابيين المتخفين والمختبئين بين السكان المدنيين”.
وأضاف أنه استخدم طائرة هليكوبتر بعد معركة بالأسلحة لتعقب و”تحييد” المسلحين الذين كانوا يحاولون الفرار، وأنه اعتقل بعد ذلك المشتبه بهم في البلدة ونقلهم جوا لمحاكمتهم.
إفادات وشهادات
لكن شهودا ذكروا لمنظمة هيومن رايتس ووتش رواية مختلفة عن العملية التي بدأت بعدها الأحداث في مورا في 27 ماس/آذار الماضي مع وصول مروحيات تقل جنودا ماليين إلى معرض للماشية، وشارك فيها ما يزيد على 100 رجل يتحدثون الروسية، وفقا لمصادر أمنية متعددة تحدثت إلى هيومن رايتس ووتش.
فقد أفاد 19 شاهدا أن جنودا من مالي وآخرين يتحدثون الروسية وصلوا بطائرة هليكوبتر وتبادلوا إطلاق النار مع من وصفوهم بمسلحين إسلاميين، وأن بعض المسلحين والجنود والمدنيين قتلوا خلال هذا الاشتباك.
وأضاف شهود العيان أن القوات انتشرت بعد ذلك في أنحاء البلدة حيث أعدمت عددا من الرجال، ثم جمعت المئات من غير المسلحين من منازلهم وأخذتهم إلى ضفة نهر قريب.
وكان العديد من هؤلاء تجار من قرى مجاورة جاؤوا لسوق الماشية الأسبوعي في البلدة؛ حيث احتُجز الرجال مدة 5 أيام تحت أشعة الشمس واختير بعضهم اعتباطيا للإعدام رميا بالرصاص أثناء الليل.
ووفق تقرير المنظمة، فقد جرى في الأيام التالية إعدام عشرات الأسرى في مجموعات صغيرة بالرصاص، ربما على أساس لباسهم أو لأن لديهم لحى، أو بسبب عرقهم، حيث تكدست الجثث في 3 مقابر جماعية.
وأشارت إلى أن “الغالبية العظمى” من الرجال، الذين أعدمهم جنود ماليون ومقاتلون بيض، كانوا من قبائل الفولان، وأن المدنيين أجبروا على حفر مقابر جماعية قبل إعدامهم، وبعض الرفات أُحرقت إلى حد يصعب التعرّف عليها.
وأضافت أن “القتل العمد أو إساءة معاملة فرد معتقل يعتبران جريمة حرب”.
المصدر : وكالات