آماش بنت أعمر تيشيت.. أيقونة اضاءت سماء الفن التقليدي حين تُلف الأنامل" بآلة أردين"بين سهول وجبال "أفلّة" الجذابة، حيث تتردد الألحان مع نسمات الليل، عاشت آماش بنت أعمر تيشيت، فنانة نسجت بآلتها الوترية "آردين" قصصًا تحكي عن جمال موريتانيا وأصالتها؛ لم تكن مجرد عازفة أو مغنية، بل كانت أيقونة تضيء سماء الفن التقليدي، وشخصية صنعت لنفسها مكانة راسخة في وجدان كل من عشق الموسيقى الحسانية.
نشأت آماش في بيت يعشق الفن ويقدره، فكان لهذا الجو تأثير عميق في صياغة شخصيتها الفنية، بيت أنجب غيرها من النجمات الفريدات، كعلية بنت أعمر تيشيت، التي كانت هي الأخرى نجمة في سماء الموسيقى الموريتانية، وكانت خير رفيقة لها في رحلة الحفاظ على التراث، معًا، نسجتا بأصواتهما وألحانهما خيوطًا ذهبية تعبر عن هوية هذا الوطن.
كانت آماش مبدعة في العزف على "آردين"، تلك الآلة الوترية التقليدية التي تحتضنها النساء لتروي قصص الحب، والشجن، والفخر.
تحت أناملها، كان لآردين صوت مختلف؛ صوت يأخذ المستمع في رحلة بين جمال "أم اكرية" وأفراح المجالس، ليعيش لحظات يملؤها الحنين والأمل.
من خلال مشاركاتها في الإذاعة والتلفزيون، كانت آماش تقدم فنها بسخاء، تُطرب المستمعين وتُعيد إليهم ذكريات الأجداد.
رافقت العميد المرحوم محمدن ولد سيد ابراهيم، والمرحوم بوكي ولد أعليات، والمرحوم سالمو ولد إعيدو، فدخلت كل بيت، وشنفت كل أذن، وأصبحت جزء من الغذاء الروحي الموريتاني.
لم تكن أغانيها مجرد كلمات وألحان؛ بل كانت جسورًا تصل الحاضر بالماضي، وتعيد إحياء التراث في قلوب الأجيال الجديدة.
رحلت آماش، لكن صوتها لم يختفِ؛ بقيت تسجيلاتها القديمة تُبث، وتحمل معها عبق الماضي وروح الفن الأصيل، كل نغمة من أناملها تحكي قصة امرأة لمعت كنجمة في سماء الفن الموريتاني، وكتبت اسمها بحروف من نور في سجل الموسيقى التقليدية.
آماش ليست مجرد فنانة؛ إنها رمز لتراث حيّ ينبض بالمشاعر والصور؛ بألحانها، أكدت أن الفن ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو ذاكرة وطن، تُحفظ فيها القيم والتقاليد لتبقى خالدة في ذاكرة الأجيال.
رحلت آماش، لكنها لم تغب؛ ستظل الألحان التي عزفتها، والصور التي رسمتها بموسيقاها، حاضرة في قلوب من يحبون موريتانيا وفنها الأصيل.