
يستمر الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب فى إثارة الجدل والمواجهات مع قادة أمريكا اللاتينية، التى تأثروا بشكل واضح بعودته للبيت الأبيض، ويواجهوا المزيد من التحديات فى ظل سيل القرارات الأمريكية التى يتخذها الرئيس الأمريكى.
فى خلال شهر من ولايته، دفع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باتجاه تغيير جذرى فى علاقات بلاده مع أمريكا اللاتينية، حتى أنه قرر التراجع عن سياسات وتحالفات استمرت عقوداً من الزمن، وأظهرت إدارته اهتماما كبيرا بالمنطقة لدرجة أن وزير الخارجية ماركو روبيو اختارها كوجهة لأول رحلة له إلى الخارج منذ توليه منصبه، وهو أمر غير مسبوق منذ أكثر من قرن من الزمان.
وبالنسبة للمكسيك، فقالت الرئيسة كلاوديا شينباوم، إنه سيتم إدخال تعديلات على الدستور بهدف حماية سيادة البلاد، وذلك لمواجهة ترامب، معلنة عن مبادرة دستورية لتعزيز الدفاع عن السيادة الوطنية، وسيتم تعديل المادة 19 أيضا لتحديد أقصى عقوبة ممكنة لأى شخص متورط فى الإنتاج أو التوزيع غير المشروع للأسلحة.
وأشارت صحيفة الناثيونال إلى أنه سيتم اللجوء لتلك التعديلات بهدف تعزيز الدفاع عن السيادة الوطنية، وأعلنت رئيسة المكسيك، أنها أرسلت للكونجرس الاتحاد مبادرة لإصلاح المادتين 40 و19 من الدستور السياسى للولايات المتحدة المكسيكية لحظر أى محاولة للتدخل الأجنبى صراحة.
وأوضحت أن المبادرة تتضمن إضافة فقرتين إلى المادة 40 لتوضيح أن المكسيك لن تقبل أى تدخل أجنبى، منها عدم قبول شعب المكسيك، تحت أى ظرف من الظروف، التدخلات أو التداخلات أو أى عمل آخر من الخارج يضر بسلامة الدولة واستقلالها وسيادتها، مثل الانقلابات أو التدخل فى الانتخابات أو انتهاك الأراضى المكسيكية، سواء عن طريق البر أو الماء أو البحر أو المجال الجوي".
وأكد أن الهدف هو ضمان عدم النظر إلى قرار الولايات المتحدة بتصنيف جماعات الجريمة المنظمة كمجموعات إرهابية باعتباره فرصة لغزو السيادة المكسيكية.
وعن كولومبيا، فقد تمر العلاقة بين رئيس كولومبيا جوستافو بيترو والرئيس الأمريكى بأسوأ لحظاتها، وهو ما قد يكون له عواقب دبلوماسية بين كولومبيا والولايات المتحدة، وهاجم بيترو مرة أخرى، ترامب، واتهمه بشكل مباشر بـ"تدمير التجارة الحرة العالمية"، كما انتقد بيترو العديد من سياسات الحكومة الأمريكية، وخاصة تلك المتعلقة بالهجرة.
وأشارت صحيفة لا كرونيستا الكولمبية إلى أن بيترو اتهم ترامب بإنهاء التجارة الحرة فى جميع العالم، عندما كان يتحدث عن التغير المناخى، وقال "ليس فقط لأن ترامب يعمل بالفعل على إنهاء التجارة الحرة فى جميع أنحاء العالم، ولكن لأن أزمة المناخ وبداية الانقراض البشرى دليل واضح على فشل عملى ونظرى كبير. وأكد رئيس الدولة أن "السوق لا يؤدى إلى أقصى قدر من الرفاهية، بل إلى الموت، وبالتالى يجب تنظيمه لصالح الحياة.
أكد بيترو أن "الليبرالية الجديدة ماتت فى العالم"؛ مؤكدا فى العديد من المناسبات الوطنية والدولية أن تركيز حكومته ينصب على التحرك نحو الاقتصادات النظيفة وعدم الاعتماد على إنتاج النفط أو الغاز أو الفحم.
يشار إلى أن بيترو وترامب دخلا فى خلاف حاد قبل أيام بعد أن رفض الرئيس الكولومبى السماح لطائرتين عسكريتين من الولايات المتحدة بدخول البلاد مع مجموعة من الكولومبيين المرحلين.
وكانت الأزمة الدبلوماسية حادة إلى درجة أن ترامب رد بهجوم مضاد وأعلن أن إدارته ستفرض رسوما جمركية على المنتجات الكولومبية المصدرة إلى الولايات المتحدة، بدءا من 25% ثم ترتفع إلى 50%. وأدى هذا الإعلان، الذى تم تخفيف لهجته لاحقا، إلى إطلاق أجراس الإنذار فى العديد من القطاعات الإنتاجية فى البلاد، بسبب آثاره المدمرة على الاقتصاد الوطنى.
أما البرازيل، فقد اتهم الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا، نظيره الأمريكى دونالد ترامب بشكل ساخر، بأنه يريد أن "يصبح إمبراطورا للعالم"، داعيا إياه أن يحترم سيادة الدول، حسبما قالت صحيفة بوابة أو جلوبو البرازيلية.
وقال لولا فى مقابلة مع محطة إذاعية محلية "إن الديمقراطية التى تحققت بعد الحرب العالمية الثانية هى معيار ومثال لأفضل حكم لدينا فى السنوات السبعين الماضية، ولكن الطريقة التى يتصرف بها ترامب تشير إلى أنه يحاول أن يصبح إمبراطورا للعالم".
تأتى تصريحات لولا بعد أن تبادل ترامب والرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى الاتهامات وبعد أن أزعجت واشنطن كييف بالدخول فى محادثات مع روسيا لإنهاء الحرب، على الرغم من أن الزعيم اليسارى البرازيلى لم يذكر تلك الأحداث.
وقال "أود أن يأخذ الرئيس ترامب فى الاعتبار ضرورة احترام سيادة كل دولة لأن ذلك يعزز الديمقراطية"، مكررا أن الجمهورى "انتخب لحكم الولايات المتحدة وليس العالم"، مؤكدا أن الولايات المتحدة شريك تجارى مهم للبرازيل ودعا إلى مزيد من الإيماءات من "الصداقة".
وقال: "نريد أن تتوقف هذه الحماية التجارية"، فى إشارة إلى الرسوم الجمركية التى أعلنتها واشنطن على المنتجات البرازيلية مثل الصلب، مضيفا أن "هناك الكثير من التهديدات طوال اليوم بالنسبة للعديد من البلدان"، داعيا الولايات المتحدة إلى "الإساءة بشكل أقل" وأن يكون لديها "مزيد من التفاهم والصداقة مع شركائها".
وكان لولا، أحد زعماء اليسار فى أمريكا اللاتينية، قد قال بالفعل أن البرازيل سترد "بالمثل" تجاه الولايات المتحدة إذا ما طبقت عقوبات عليها.