كيف نتصور صحراء خلاء قـفرا من الجانبين الموريتاني والجزائري بمساحة تقدر بحوالي مليون ونصف كلم مربع ؟ كيف سيكون هذا الخلاء القفر نافعا ومنتجا لنشاط اقتصادي واجتماعي وهو عبارة عن ( سيبيريا ) صحراوية صفراء بين الجزائر وموريتانيا ، ومرتعا لمئات المافيات العالمية المنظمة والمهيمنة على كل أنواع التجارات الممنوعة ، بدءا من تجارة المخدرات والسلاح إلى تجارة البشر ؟ إنه الحمق والجنون الجزائري...
لم يكتفي البوليساريو بغزو الأراضي الموريتانية المحادية للشريط العازل بل زحف على المدن الموريتانية
هذه حقيقة أصبحت فضيحة ، وهي أن البوليساريو أصبح يتبجح بالامتيازات فوق العادة التي نالها من السلطات الموريتانية و يتمتع بها الآن في عموم موريتانيا ، نذكر منها على سبيل المثال :
1) يدخل الصحراويون الى موريتانيا ويخرجون منها بالبطاقة الوطنية وليس بجواز السفر والفيزا ، والبطاقة الوطنية هي تلك الخِرْقَة العفنة التي تسلمها للبوليساريو عصابة الرابوني باسم الجمهورية الوهمية ، وهي غير معترف بها إلا في موريتانيا والجزائر وربما جنوب إفريقيا فقط لاغير، وهي سهلة التزوير ولا علاقة لها بأي نظام معلوماتي مركزي عالمي يضمن التحقق من هوية حاملها ، أما جواز السفر فالبوليساريو يتحرك في العالم بجوازات سفر جزائرية أوموريتانية .
2) يعامل البوليساريو في موريتانيا معاملة لا يحظى بها غيرهم من مواطني الدول الافريقية و العربية التي لها سفارات في نواكشوط ، مع العلم أنه ليس للبوليساريو سفارة في موريتانيا !!!!
3) البوليساريو في موريتانيا غير مسجلين كخطر “مفلوشين” ويسمح لهم بالتنقل بدون أن يطلب منهم إذن العبور او إذن المهمة ( أورد ميسيون ) الامر الذي لا يحظون به حتى أثناء تنقلهم بالجزائر الحليفة التي لهم بها سفارة و مكاتب وقنصليات منتشرة في كل شبر من الجزائر ..
4) في موريتانيا يمكن للبوليساريو الاقامة في أي مدينة بالبطاقة الصحراوية وتتم معاملتهم وفق هذه البطاقة معاملة المواطنين والنكتة أن الجزائر عممت تعليمة لوزارة الداخلية بعدم قبول بطاقة تعريف البوليساريو في الفنادق أو لغرض كراء المساكن في مدن الجزائر !!!
5) في موريتانيا للبوليساريو حق التملك كالموريتانيين و يمكنهم شراء العقارات و الاراضي و تسجيلها ببطاقة الرابوني ، وهذا أمر لا يحظون به حتى في تيندوف... في موريتانيا يمكنهم دخول سوق العمل بدون أي وثائق و هذا حق لا يُمْنَحُ لهم إلا في موريتانيا.
6) في موريتانيا يمكنهم ممارسة التجارة، و دون بطاقة تاجر، ودون إذن للتجارة، و هذا حق لا تمنحه لهم غير موريتانيا ....
ما يكن التعليق به على معاملة السلطة الموريتانية للبوليساريو بهذا الشكل هو : هل تجد المعارضة الموريتانية مثل هذه المعاملة في وطنها موريتانيا ؟ ثم ماذا بقي ليصبح البوليساريو موريتانيا ؟
فما الحاجةُ لهذا المعبر ولم تعد هناك حدود اقتصادية أواجتماعية بين مخيمات تندوف وموريتانيا ؟
أول ملاحظة هي أن موريتانيا كانت قد أعلنت قبل سنة تقريبا أن شمال موريتانيا أصبح منطقة عسكرية محظورة على المدنيين لأنها تعج بعصابات تهريب السلاح والمخدرات وتجارة البشر ، وتُقَدَّرُ المساحة الموريتانية المذكورة بحوالي 800 ألف كلم مربع أي كل شمال موريتانيا ، فكيف يمكن لدويلة إمكانياتها معدومة لحراسة هذه الجزء من مساحتها الشاسعة حتى تسعى لبعث الحياة فيها وهي لن تستطيع الصمود أمام عصابة واحدة كامنة في مكان ما من المنطقة ( المحظورة ) على المدنيين ؟ لعل موريتانيا قد تخلت عن حراسة جزء من أراضيها للبوليساريو وجزء آخر لعسكر الجزائر، إنها البروباغاندا الجزائرية فقط لا غير لأن هذه المنطقة ميتة بل تكاد تكون معدومة الوجود بالنسبة للدولتين معا ، ثم لماذا لا تصرف الجزائر الأموال على مناطق وسط الجزائر وجنوبها وتفك عنها العزلة مثل غرداية وورقلة وعين صالح وأدرار و امقل وغيرها كثير ، مدن جزائرية تعيش التهميش والتفقير والقمع والتسلط ... فلعل المخطط الجزائري الجديد هو استغلال الضعف والفقر والتخلف والجبن الموريتاني هو الذي جعلها تشرع في تنفيذ عملية كبيرة هي إفراغ مخيمات الذل بتندوف وتوزيع ساكنيها بتواطؤ مع النظام الموريتاني طبعا توزيعها على المناطق الموريتانية مستغلة التقارب القبلي والإثني بين البوليساريو والموريتانيين ، ولماذا لا يمكن طرح هذا السيناريو ضمن باقي التصورات لحل معضلة الصحراء قد يدخل فيه سكوت المغرب عن هذا التحول الذي يبدو الأقرب للطبيعة البشرية في المنطقة الموريتانية ، ويخفف الضغط على الجزائر التي تعاني اختناقا اقتصاديا مميتا ، كما يمكنه سد الجانب الانفعالي العاطفي بين البوليساريو والموريتانيين نظرا لتطابق الشرائح الاجتماعية فيما بينهما ..