قال محمد ولد عبد العزيز الرئس الموريتاني المنهية ولايته العام المقبل , أن من المؤكد خطورة الأ سلامين حيث يمارسون التطرف الديني والتكفير لكل من يخالفهم الرأي بحث يمكن لهم قتله ,أو يفتون بتكفيره بصورة قطعية .
وقال ناشطون ووسائل إعلام تصريحات للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يفهم منها خروجه بنظرية جديدة ـ قديمة تعتبر أن الإسلاميين، على اختلاف اتجاهاتهم، «أخطر من إسرائيل»، وقد تدرّج منطقه في ذلك من القول بأن المآسي التي شهدها العالم العربي تعود «طبعا إلى احتلال فلسطين»، لكن «تسييس الدين أحدث مأساة أكبر مما قامت به إسرائيل»، وأن «الحركات التي كانت تحكم الدول العربية لم تحطم دولها مثلما حطمها الإسلام السياسي، لذا، وفي المحصلة، إسرائيل أكثر إنسانية من هؤلاء»، على حد قول ولد عبد العزيز.
لا يأتي الرئيس الموريتاني بجديد طبعا في دفاعه عن «زملائه» الزعماء العرب الذين ثارت شعوبهم ضدهم، ولا في التخفّي وراء العداء اللفظي لإسرائيل لتبرير سوءات الحكام العرب، ولا في التعامل مع «الإسلاميين» بالتعميم رغم أنهم مذاهب شتى.
كان لولد عبد العزيز، لو أراد لحديثه بعض المنطق، أن يخص بحديثه الاتجاه الجهادي المتطرّف (على طريقة «الدولة الإسلامية» و«القاعدة» وأشباههما) فهذا الاتجاه يكفّر بدوره «الإسلاميين»، ممن يوافقون على النظام الديمقراطي (ويشاركون في الانتخابات ويحاولون التأثير بالطرق السلمية الحزبية)، ويصفهم بمثل ما وصفهم ولد عبد العزيز، كما أن هذا الاتجاه يساهم، مثل أنظمة البطش والقمع العربية، في مطاردتهم والتنكيل بهم.
المقصود من تعامل الرئيس الموريتاني (ونظرائه العرب) مع «الإسلاميين» بالجملة لا بالمفرّق هو التخلّص من الحمولة السياسية للمعارضة الحقيقية التي يمثلها اتجاه «الإخوان المسلمين»، وفي تجاهله لعداء التيار الجهادي السلفيّ المسلّح لهؤلاء، فإن ولد عبد العزيز يضع نفسه، سواء تقصد ذلك أم لم يتقصد، في مرتبة واحدة مع ذلك التيار الجهادي السلفيّ الذي يمثله «الدولة الإسلامية» وأضرابه، فالسرديتان متشابهتان ومطلوبهما واحد: التخلّص من تيار «الإسلام السياسي» المعتدل ودفعه، بالقوّة، إلى التطرّف والانضواء تحت رايات الاتجاهات السلفية الجهادية المسلحة، عبر أشكال البطش والقمع والسجون والمشانق، كما هو الحال في مصر، وقبلها في سوريا والجزائر وغيرها.
المغالطة الأولى التي لا ينفكّ أصحاب هذه السرديّة يستخدمونها هي أن «الإخوان» هم من قاموا بتسييس الدين، والحقيقة أن «الإخوان»، مثلهم في ذلك مثل الأحزاب «المسيحية الديمقراطية» وأمثالها في أوروبا والعالم…، هم حزب محافظ اجتماعيا، وفي كل الأحزاب المحافظة هناك دور كبير للدين والرموز الثقافية القديمة للشعوب، ومشكلة ولد عبد العزيز والأنظمة العربية مع «الإخوان» لا تعود إلى إعطائهم هذه الأهمية الكبيرة للدين في منظومتهم السياسية (فهم حزب سياسي في النهاية وهدفه مثل كل الأحزاب في العالم: الوصول إلى السلطة)، ولكن لأسباب أخرى أهمّها أنهم نافسوا الأنظمة على الاستخدام الاحتكاري للدين، ولشعبيتهم التي تنافس الطغاة الذين لا يرغبون في وجود أي منافسين أو معارضين سياسيين فحين كان يحوز الشيوعيون أو القوميون على شعبيّة سياسية كانوا يطاردون بدورهم كما يطارد الإخوان حالياً.
المغالطة الثانية تكمن في اعتبار «الإخوان» (أو الإسلاميين على عمومهم) هم من تسببوا في الثورات الشعبية وليس الأنظمة العربية نفسها التي أغلقت فضاءات التقدم والتنمية والعدالة والكرامة الإنسانية وملأت الأرض جورا وفسادا وطغيانا فثار عليها الناس.
والمغالطة الثالثة هي إنكار دور هذه الأنظمة العربية المتوحشة، التي رفضت التغيّر، في التدمير الرهيب الحاصل، وفي استدعاء الجيوش الغريبة لمساندتها ضد شعوبها، وكذلك في خلقها الآليات اللازمة لنموّ أشكال التطرّف المضاد المرعب، والذي كانت «القاعدة» و«الدولة» أحد أشكالهما، كي يخرج الزعماء علينا، كما خرج ولد عبد العزيز، ويغسلوا أيديهم من مسؤولية البلدان التي يحكمونها، ومن المآلات التي آلت إليها، كما لو أن التطرّف هو من فعل كائنات
الجزائر التايمز
هبطت من الفضاء، وليست مرتبطة بما حصل ويحصل من مآس رهيبة.
إضافة لكل ذلك في هجومه على «الإسلاميين»، وفي جعله إسرائيل أكثر «إنسانية» منهم، يوجّه رسائل مفهومة للأوروبيين والغرب عموما، وصار يصحّ وصفها بـ«رسائل الحكام العرب إلى ذويهم في الخارج».