تم الاعتراف منذ سنوات طويلة قبل ذهاب نظام الرئيس السابق ولد عبد العزيز ، أن مستويات الفساد في موريتانيا بلغت حدود حرجة جدا لم تعد معها الأدوات التقليدية لمكافحة الظاهرة قادرة على تحقيق نتائج تذكر.
رغم سن تشريعات جديدة لمكافحة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وانضمام موريتانيا.إلى اتفاقيات دولية متعددة الأطراف في هذه المجالات ، إلا أن نزيف نهب المال العام وتهريبه إلى الخارج استمر في وضح النهار، وفي أحيان كثيرة بتغطية من مسؤولين كبار في الدولة وعلي رأسهم مسؤولين كبارمازا لويمارسون وظائفهم وبنفس الوتيرة. .
معروف أن عملية استرداد الأموال تمر بثلاث مراحل، وهي إثبات الأملاك وتحديد مكانها كمرحلة أولى، وثانيا صدور أحكام نهائية، ثم ثالثا، وجود اتفاقيات قضائية ثنائية ومتعددة الأطراف لاسترداد الأموال المنهوبة. مع التأكيد على أن التشريعات الوطنية والدولية في اغلبها تنص على عدم تقادم الدعوى في مجال محاربة الفساد.
تقارير دورية تؤكد بأن منسوب الفساد في الجزائر بلغ مداه، في عشرية ولد عبد العزيز وحكوماته المتعاقبة،التي شجعت ذالك النهج واعتبرت تلك التقاريرتهجما مقصودا ضد موريتانيا.
وفي هذا السياق سارع الريئس محمد ولد الشيخ الغزواني الي وضع حد لظاهرة الفساد ومحاصرته حتي القضاء عليه. وبدأ بخطوات في هذا الأجاه حيث قدم للقضاء الرريئس السابق ولد عبد العزيز ورؤساء حكومات ووزراء والعشرات من رجال اعمال ومسؤولين كبارسابقين ,لكن هذه خطوة في الأتجاه الصحيح , الخسائر من جراء السطو على المال العام كبيرة ،البعض يري أنه أنه ظهر تلكأ في المضي نحو القرار الذي ينتظره الشعب الموريتاني وهو استعادة أمواله المنهوبة من قبل العصابة طيلة السنوات10وربما 30 سنة الماضية.
الاستعراض السابق لمسار المحاكمات الخاصة بقضايا نهب المال العام خلال الفترة السابقة التي حكم فيها ولدعبد العزيز ، يكشف عن وجود نقاط ظل كثيرة تخفي وجود تعطيل المسار القضائ في هذا النسق.
الأن يقام بحملة اعلامية للضغط على الحكومة من أجل تبرئة رموزالفساد وعلي رأسهم الريئس السابق ولد عبد العزيز ، وهذا ماجندت له عشرات المواقع ووسائل التواصل الإجتماعي من طرف رجال الاعمال الاخرين الذين يقومون منذ فترة بضخ مبالغ كبيرة لتمويل وسائل إعلام موريتانية ,ومواقع أجنبية لشن هجومات ضد الحكومة ولتأليب الرأي العام. لقد بلغ بهم الأمر إلى درجة الترويج لفكرة أن النظام السابق رغم فساده، أفضل بكثير من الحالي.
إن تعطيل مسار المحاكمات وعدم تسريعها للمضي نحو اصدار أحكام نهائية، يكشف عن وجود مجال صراع مرير بين الرغبة الصادقة القوية في محاربة الفساد إلى نهايته، وبين من يريد الحفاظ على الوضع كما كان عليه ,كما زاد من الإغراءات من جهة، والتشويه الشخصي من جهة ثانية، لكل منجز يحققه الرئيس غزواني على صعيد مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وتحقيق الالتزامات التي قطعها أمام المواطنين خلال ترشحه لرئاسة الجمهورية.
لم تقدم أي تقديرات رسمية حول حجم الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق وزبانيته. كما لا توجد أرقام رسمية دقيقة عن قيمة الأموال المهرّبة إلى الخارج، إلا أن خبراء مؤسسات مالية دولية قدروا ذلك بنحو 20 % من إجمالي واردات البلاد خلال 15 سنة الأخيرة على الأقل، أي ما يناهز 160 ملياراوقية على الأقل مضاف عليها حجم العمولات والرشاوى في الصفقات العمومية المنجزة أو الجاري إنجازها في مجال مشروعات البنية التحتية أو الخدمات المختلفة.
مهما كانت مزاعم فريق الدفاع الذي يترأسه ولد الشدو فإن مصدر الأموال التي اختلسوها هي بالنهاية أموال الخزينة العمومية، وكانوا قد حصلوها سواء في شكل قروض أو في شكل مشروعات بطريقة غير قانونية أو من خلال الامتيازات الضريبية والجبائية غير مشروعة، أو حتى في شكل تنازل غير قانوني عن أصول تابعة للدولة وبالتالي سيكون من غير الطبيعي، الصمت عن عدم استردادها، أو على الأقل استرداد الجزء الموجود داخل موريتانيا والمتمثل في عشرات العقارات بغير وجه حق, وعشرات المؤسسات التي أنجزت بقروض بنكية غير مستردة ومصانع تم خوصصتها خارج إطار القانون وقروض بنكية مضخمة وأملاك منقولة وغير منقولة متواجدة على الأقل داخل البلاد في انتظار مرحلة ثانية تمتد الى حصر الأملاك المهربة الى الخارج.
وبالتالي يصبح من الضروري الذهاب إلى ما هو أبعد من رجال الأعمال والوزراء مسألة أمن قومي وضمانة لمناعة حقيقية للجسم الوطني، تحقيقا لمسار العدالة واستكمالا لاسترجاع هذه الأموال في الداخل والخارج، مهما كانت الاكراهات الوطنية والتعقيدات الدولية.
وهذا لن يتأتي دون اتخاذ الرئيس، سلسة من القرارات السياسية الهامة، سيبقى ملف استعادة الأموال المنهوبة حبراً على ورق، وبلا قيمة. رغم بعض التصريحات التي عقبت الإستجواب الأخير لمجموعة من العصابة التي كانت تحكم البلاد طيلة العقدين الماضيين.
الياس محمد