"تعلمنا القراءة والكتابة ونمارس أعمالنا اليومية بشكل طبعي، ونؤمن بقدر الله"، بهذه الكلمات يصف عبد الله محمد واقع قريته "دالي كبمه"، الواقعة على بعد ستين كيلومترا شرق مدينة تمبدغه أقصى الشرق الموريتاني، التي يتوارث سكانها العمى منذ تأسيسها قبل أكثر من مائة عام تقريبا.
ويعيش نصف سكان هذه القرية منذ عقود محرومين من رؤية معالم الأرض بفعل العمى المتوارث، الذي يصيب الأبناء والأحفاد؛ لدرجة أن القرية باتت تلقب برقية المكفوفين.
ويقول خبراء إن حالة هذه القرية نادرة، إذ تعد القرية الوحيدة في المنطقة التي ينتشر فيها العمى لهذه الدرجة وطالبوا بإعداد دراسة عن أسباب انتشار العمى في صفوف السكان، مؤكدين أن أعداد المصابين بالعمى بالقرية في ارتفاع مستمر، وأنها قد تصبح قرية مكفوفة بالكامل خلال سنوات.
وتحدى سكان القرية على مدى العقود الماضية الإعاقة، حيث تنتشر فيها كتاتيب تحفيظ القرآن وعلوم الحديث والفقه، ويوجد من بين المدرسين من هم مصابون بالداء ذاته، حيث تمكنوا من حفظ القرآن ودراسة الكثير من كتب الفقه والسيرة.
ويقول سكان القرية، إنهم لم يطرقوا باب أي جهة حكومية طلبا للدعم كما لم يجدوا من يقاسمهم مصاعب الحياة، رغم حاجتهم لذلك، مؤكدين أن كل الأجهزة الحكومية غائبة عن القرية التي تعاني الإهمال والحرمان، فلا مدارس بالقرية ولا مستشفى ولا مياه صالحة للشرب ولا مرافق حكومية.
ويعتمد السكان في القرية على الزراعة وتنمية المواشي في حياتهم اليومية، ويؤكدون أن جميع أفرادها منتجون، حيث فرضت عليهم الظروف التكيف مع واقعهم وبذل كل جهد للاستمرار.
ويتمسك سكان القرية بالكثير من العادات الخاصة بهم ويقومون حفلات يتفاعل معها المكفوفون بشكل كبير، كما يحرص سكان القرية من غير المكفوفين على الزواج من فتياتها المكفوفات والعكس ، في تكافل اجتماعي نادر.
ويقول متحدث باسم القرية، إن مطالبهم الأساسية تتمثل في توفير نقطة صحية ومدرسة خاصة بالمصابين بالعمى، فضلا عن توفير فرص عمل لشباب القرية، لكنهم على ما يبدوا غير واثقين من أن يد الدولة ستمتد لهم بعد كل هذه السنين.
عربي 21